ثمامة بن أثال رضي الله عنه ..


في السادس من الهجرة وفي ليلة اكتمل فيها البدر سمع الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن ثمامة بن أُثال يريد أن يغزو يثرب.
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : "بل أنا أغزوه إن شاء الله" . أي : قبل أن يتحرك من هناك نرسل له من يغزوه .
فأرسل له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العباس بن عبد المطلب في كوكبه وفي سرية. فأخذ العباس سيفه وخيله، ومشى إلى وادي حنيفة.
وكان ثمامة يسكن في قصر داخل حصن يحيطه جيش من الحرس , وفي هذه الليله قال ثمامة لزوجته : أنا لا أخرج هذه الليلة للصيد أبداً فقالت له :لماذا! , فقال: أحس بإحساس غريب ؛ وإحساسي لا يخطيء .
فمكث في حصنه وقصره، وأبواب الحصن مغلقة , لكن أراد الله أن يخرجه لـ العباس بن عبد المطلب ليأسره ويذهب به إلى يثرب، فأرسل الله له الغزلان والظباء تلك الليلة حتى كانت تنطح باب الحصن , فقالت زوجته وهي تطل من شرفة القصر في ضوء القمر: عجيب أمرك يا أبا نبيل كل ليلة تطارد الغزلان، واليوم أتت تناطح أبوابنا، إنه لمن العجز أن تتركها.
فأخذ القوس والأسهم، وأتى وراء الغزلان، ففتح باب الحصن ففرت الغزلان قليلاً، ففر وراءها، فدخلت حديقة، فدخل وراءها، وإذا بـ العباس يطوق الحديقة.
قال ثمامه : من أنت؟
قال: العباس بن عبد المطلب، إن كنت لا تعرفني تعرفني الليلة.
قال: ماذا جاء بك؟
فإذا بأحد رجال العباس يأتي من خلف ثمامة ويعاجله بضربة بـ(حطبة) أفقدته وعيه.
فحمل العباس ثمامة واركبه على الحصان مكبلاً وانطلق به إلى يثرب، فدخل العباس بهذا الأسير وربطه في سارية المسجد
فأتى محمد -صلى الله عليه وسلم- ، فقال: "أسلم يا ثمامة" . قال ثمامة : يا محمد ، إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر, يعني (إن قتلتني فإن دمي لا يضيع فأنا سيد قبيلة يأخذون بدمي، وإن عفوت عني وأطلقتني فسوف تجد الجميل عندي محفوظاً)، فتركه النبي -صلى الله عليه وسلم- .
فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خلال ثلاثة أيام كلما أتى إلى الصلاة قال: "يا ثمامة أسلم". فيعيد ثمامة قوله, وكان ثمامة خلال هذه اﻷيام يشاهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فهذا يصلّي وهذا يبكي وهذا يقرأ القرآن ... فلما مرّت ثلاثة أيام قال النبي -صلى الله عليه وسلم-  : "أطلقوه". فأطلقوه .
فبعد أن أطلقوه ذهب ثمامه إلى نخلة من نخل المدينة، فأخذ ماء فاغتسل ثم دخل المسجد، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله , يا رسول الله مرني بما شئت أنا أحرمت اﻵن , فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : أتمّ عمرتك

دخل ثمامه بن اوثال معتمرا بلباس الاحرام حتى إذا كان ببطن مكة لبّى وقال : لبيك اللهم لبيك , لبيك لا شريك لك لبيك , إن الحمد والنعمة لك والملك , ﻻ شريك لك . سمعت قريشٌ صوتَ التلبية الجديدة والتي تختلف عن المذكورة في اﻷعلى ، فهبَّت غاضبةً مذعورة، واستلت سيوفها مِن أغمادها، واتجهت نحو الصوت لتبطش بهذا الذي اقتحم عليها عرينها، ولما أقبل القوم على ثمامة، رفع صوته بالتلبية، وهو ينظر إليهم بكبرياء.
فهمَّ فتىً من فتيان قريش أن يرديه بسهمٍ، فأخذ على يديه أبوسفيان بن حرب، وقال: (ويحك أتعلم من هذا؟ إنه ثمامة امير اليمامة، وقتْلُه يشعل علينا نارَ حربٍ كبيرةٍ).
فقالو قريش لثمامه : (ما بك يا ثمامة، هل صبأت ؟).
فأخذه أبوسفيان قائلا : (لقد اجترأت علينا يا أبا نبيل).
فقال ثمامه ضاحكا: (اتبعت دين محمد، ماذا افعل ! انه حديثه مقنع جدا).

الحصار الاقتصادي على مكه

عندما انتهى ثمامه بن أثال من عمرته، قال لسادات قريش :(أقسم برب هذا البيت إنه لا يصلكم شيء من قمح اليمامة أو أي من خيراتها بعد عودتي لليمامة حتى تتبعوا محمداً ﴿ صلى الله عليه وسلم ﴾ عن أخركم).
إرتفت الأسعار في مكة وكاد الناس أن يهلكوا جوعاً وخشوا على أنفسهم فجمعوا أمرهم وكتبوا إلى محمد ﴿ صلى الله عليه وسلم ﴾ بما أصابهم من قحط وجوع وشكوا له فعل ثمامة وكتبو :(إن عهدنا بك وأنت تأمر بصلة الرحم وتحض عليها وإن ثمامة قد قطع عنا ميرتنا وأضر بنا فإن رأيت أن تكتب إليه أن يخلى بيننا وبين ميرتنا).
فكتب محمد ﴿ صلى الله عليه وسلم ﴾ إلى ثمامه : (أن خل بين قومي وبين ميرتهم)، فرفع ثمامه حصاره الاقتصادي عن مكه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة إسلام جُبير بن مُطعَم ..

قصة إسلام عمرو بن الجموح رضي الله عنه ..

قصة اﻹمام أبو حنيفة مع الملاحدة ..